تشتهر برشلونة بهندستها المعمارية الحداثية ومعالمها الشهيرة مثل كنيسة العائلة المقدسة وبارك غويل، كما أنها موطن لظاهرة فنية أقل شهرة ولكنها رائعة بنفس القدر: فن السغرافيتو. تُعد هذه التصاميم الزخرفية الموجودة على العديد من واجهات المدينة إحدى الجواهر الخفية في فن العمارة في برشلونة، حيث تُظهر إبداع وتقاليد الحرفيين المحليين.
ما هو سغرافيتو؟
Sgraffito هي تقنية زخرفية يتم فيها كشط طبقة من الجص أو الجص للكشف عن تصميم أو نقش تحتها. تُستخدم هذه التقنية لرسم الصور والتفاصيل، بدءاً من الأشكال الهندسية البسيطة إلى الزخارف الزهرية المعقدة أو المشاهد السردية. يكمن جمال تقنية السغرافيتو في قدرتها على تحويل الأسطح الملساء لواجهات المباني إلى لوحات فنية نابضة بالحياة ومزخرفة ومليئة بالأناقة والسحر.
وعلى الرغم من أنه أكثر شيوعًا في بعض مدن جنوب أوروبا، إلا أن برشلونة أصبحت موقعًا رئيسيًا لتطوير هذا التقليد. وعلى مدار القرن الماضي، تم تزيين واجهات المباني السكنية والتجارية على حد سواء بهذه اللمسات الفنية، مما جعلها سمة معمارية مميزة للمدينة.
أصول سغرافيتو في برشلونة
ترجع أصول هذا الأسلوب في برشلونة إلى القرن التاسع عشر، أثناء ظهور العمارة الحداثية. وعلى الرغم من أن فن السغرافيتو لم يكن حكراً على هذا الطراز، إلا أن انتشاره في برشلونة حدث إلى حد كبير خلال هذه الفترة. فقد شهدت المدينة تجديداً حضرياً شهد تشييد مبانٍ سكنية جديدة، خاصة في أحياء مثل إيكزامبل وغراسيا.
قرر المهندسون المعماريون والفنانون في ذلك الوقت، متأثرين بالاتجاهات الزخرفية الأوروبية، استخدام السغرافيتو كوسيلة لإضافة تفاصيل فنية للواجهات، وغالباً ما كان ذلك على النقيض من التصاميم الأكثر تقشفاً للمباني.
لماذا يوجد الكثير من تصاميم سغرافيتو في برشلونة؟
يمكن أن تعزى شعبية السغرافيتو في برشلونة إلى عدة عوامل. أولاً، كانت هذه التقنية مناسبة تماماً للمباني في ذلك الوقت، حيث كانت تسمح بتفاصيل الزينة دون الحاجة إلى مواد باهظة الثمن. وبالإضافة إلى ذلك، كانت وسيلة لإضفاء الطابع الشخصي على المباني، حيث كانت تصاميم السغرافيتو تعكس في كثير من الأحيان التأثيرات الثقافية للمالكين أو المهندسين المعماريين، بدءاً من المشاهد الأسطورية إلى الأشكال المجردة وأنماط الأزهار.
وكان العامل الرئيسي الآخر هو المهارة الكبيرة للحرفيين المحليين الذين أتقنوا هذه التقنية وحولوها إلى شكل حقيقي من أشكال الفن. لطالما كانت برشلونة، نظراً لموقعها الاستراتيجي على ساحل البحر الأبيض المتوسط، بوتقة تنصهر فيها الثقافات والأساليب، وهو ما ينعكس في تنوع تصاميم السغرافيتو الموجودة في جميع أنحاء المدينة.
أعمال السغرافيتو الشهيرة في برشلونة
عند المشي في شوارع برشلونة، يمكن للمرء أن يجد العديد من الأمثلة على نقوش السغرافيتو، على الرغم من أن بعضها يبرز لتفردها ومستوى تفاصيلها. في حي غراسيا، على سبيل المثال، هناك العديد من المباني التي تتميز بتصميمات السغرافيتو ذات الأنماط الهندسية والزهرية التي تضيف لمسة ساحرة إلى الأجواء البوهيمية في المنطقة.
كما تتميز بعض المباني في منطقة إيكزامبل، وخاصة حول المنطقة القريبة من أفينيدا دياغونال، بزخارف طبيعية وأشكال تجريدية. وغالباً ما يتم دمج هذه التصاميم مع تقنيات معمارية أخرى، مثل البلاط والقوالب، مما يخلق واجهات غنية بالملمس والألوان.
سغرافيتو اليوم
على الرغم من أن استخدام فن السغرافيتو أصبح أقل شيوعاً في القرن العشرين، إلا أنه لا تزال هناك أمثلة جميلة لهذا التقليد منتشرة في جميع أنحاء المدينة. في العديد من الحالات، تم ترميم أعمال السغرافيتو الأصلية بفضل جهود المهندسين المعماريين والمرممين الذين كرسوا جهودهم للحفاظ على تراث المدينة.
توثق الكتب والأدلة التي تتناول تاريخ برشلونة، مثل كتاب "إسغرافيات" الشهير، هذه التحف الفنية وتسلط الضوء على قيمتها الفنية والتاريخية. تسمح هذه الكتب وجولات المشي للزوار باكتشاف هذه الجواهر الخفية التي غالباً ما يتم تجاهلها من قبل أولئك الذين يركزون على مناطق الجذب السياحي الرئيسية في المدينة.
هل تريد أن تتعلم وترى المزيد عن ثقافة برشلونة؟ اطّلع على هذه المقالات:
أفضل الحفلات الموسيقية في برشلونة هذا العام 2025
تعليق واحد